المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف قصص قصيرة

الله الفكْرة

صورة
                                             طالما أحببت الله كرضيع تطمئنه أمه، تخبرني أن بإمكاني فعل ذلك، أو أنني أستحق الحب، أنني لن أحيا يوماً دون أن أتجشأ من الشبع، أو دون سترة فوق كتفي، كانت هذه اللحظات تمثل سرير دافئ ومريح .. حضن صديق عزيز ..كما تخبرك حبيبتك أن كل شئ على ما يُرام .. عندما يكاد قلبك أن يشق صدرك صارخاً: "إرحمني يا الله .. فقد تعبْتُ اللهاث" .. روحاً أضناها الحِمل .. وكاد أن يفلت منها الزمام .. وما الحمول إلا على الله .. حالفني الحظ كثيراً وقد أعجبتني  فكرة أن الله يدعمني "أنا" ، أنه يخفي لي شيئا مميزاً؛  لكن عميقاً داخل قلبي كانت المُقايضة مُرضية إلى حد قريب، سوف أُتمم طقوسي وتلاواتي، وانت توفِّر لي أسباباً تجعلني أقبل نفسي؛  كنسمة ريح حادة ترضى بها فقط لأنك تصببت عرقاً، أو لتمدح ما ينفعك وتقايضه حريتك .. كحُب أصطنعته لأنك لا تقوى الكره .. ولكنك تكره بالله .. وتلفظ اسماء سميتها .. لا تعني ما عنيته .. طالما تمنيت أن تكون حبكة الحياة بسيطة ...

العاهرة التي صرفت العفريت

صورة
رسم: محمد فخراني لحينٍ من الوقتْ لم تعرف أين هي ؟! .. كم لبِثت ؟! .. يغمرها شعور بالتيه ووِحدة موحشة، يفيض جسدها المنهك بعرق مُضْجِر، تقتحم رائحته صَدرها   المكشوف، من خلال ردائها الأحمر القصير؛ ظِلال شعرها الأحمر تجعل الرؤية ضبابية؛ شعرت ببرودة المعدن على معصميها فشهقت؛ جذبت يديها فلم تستطع .. هي مكبلة إذاً. أصوات حركة بدأت تنمو من حولها، كلمات من دون صوت، عبارات بلا معنى، أصوات حادة وسريعة تأتي من كل صوب، لكن داخل عقلها فقط؛ شعرت بدفعة من دون يد، ثم توالت الدفعات من كل ناحية، تعثرت فسقطت على وجهها، احكمت يد على شعرها وجذبتها للخلف فكادت أن تقتلعه، أطلقت صرخة مكتومة، حتى تبينت ما حولها. سماء غير موجودة، وأرض غير ممدودة، تطفو فوقها بركبتين داميتين، تشعر بحواف صخور غير مرئية، ليس هناك أفق، ولكنه ضيق كتابوت مغلق، آلواناً باهته، نجوم تلمع ثم فضاءٌ مُصمت، فراغ لا متناهي، ثم جمود، كأنها داخل مكعب ضخم من الثلج، لا نهار ولا ليل، جف حلقها وتجمد الدم في أوصالها، وبقيت فاغره ثغرها، وعيناها مثبتتان بلا حراك. كيانات تطفو من حولها في عشوائية موحشة، ألسنة من لهب تهيج ...

وعيْ اللحظة

تعالت صيحات قلبي المتّقِد، عندما عبست قسمات وجهي الباهت، وأتجهت -الصيحات- صوب حلقي المنتفخ؛ قبل أن يمر سؤال مستهتر غيرُ مبالٍ، يطوي التروّي والتساؤل الأحمق، فشد استهتاره الجميع حتى عم الصمت، فعندما سمعناهُ -السؤال- وجدنا أننا نعيش ما تمنيناهُ جميعا، ولكننا لم ننتبه ..

أنت وحدك

عندما تلقى الصفعات على وجهه المتورم .. محاولات شتى للإهانة .. زجر وشتم .. آثار ضرب مبرح تتزاحم على جسده .. علامات حمراء وأخرى زرقاء وبعضها داكنة تتلوى وتتشابك فوق جسده النحيل .. أرتكن في زاوية الغرفة وقد تكوًّر جسده، وأرتسمت خطوط من الدموع منبعها عينيه ومبغاها اللانهاية؛ عينان باهتتان شخصتان في اللاشئ لاترمش .. ورغم ذلك السكون البادي فالحال في عقله كان يعج بأصواتاً سائلة وأُخرى مجيبة .. استنتاجات تتبعها إجابات .. وإجابات تليها استنتاجات وكلها تصل إلى إجابة واحدة .. بأصوات عديدة منها من يصرخ ومنها من يهمس .. أصوات غاضبة وأخرى حكيمة .. جميعها تقول: أنت وحدك .. حان وقت سلسلة أخرى من الصفعات واللكمات .. لكنه هذه المرة غير خائف . كأن ليس هناك ألماً، وقف بجسده النحيل يترنح .. تلقى صفعة فلم يشعر بها، ثم دفعة فسقط أرضاً، فأنتصب مرة أُخرى .. وجد نفسه بدون جهد أو فعل ينزع ملابسه، خلع قميصه الدامي ثم بنطاله المهترئ وألقاهم بعيداً .. ثم فتح ذراعيه وهو عاري وقال : أنا وحدي ..

المصيدة

أمام بِناية متهالكة مُكونة من طابقين في مدينة ساحلية، تجمّع بعضٌ من الأهالي أمام بالوعة صرف، أنهمك جُزء منهم في العمل على حل مُشكلة أنسداد الصرف الذي أدى إلي طفح المخلفات، بينما أنخرط الجزء الباقي في نقاش حول تكاسل المسئولين وفساد المرافق.  ساء الوضع حتى أرتفعت المياه في مواسير المنزل إلى الطابق الأول. كان المنظر مُختلف خلف البناية. ظهر أمام قُرص القمر المُكتمل شبح لفأر ممتلئ، بالتحديد أمام فوهة ماسورة الصرف؛ بدا وكأنه يمارس بعض الإطالات كبطل أوليمبي يستعد لحصد الذهبية تحت عمر 18 عاماً، إتخذ وضعية القفز، ضم قدميه ورفع ذراعيه لأعلى مضمومتين، ثُم قفز .. سكن في الهواء للحظات ثُم أستسلم للجاذبية تماماً ليختفي بداخل الماسورة. كأنه أعتاد على ذلك .. ظل يهوي بداخل الماسورة حتى غاص في مياه الصرف الموازية للطابق الأول، غاص بعض الشيء حتى فتحة الصرف الخاصة بمقعد الحمام (الكابينيه) فقام بشقلبة بمرونة شديدة تغير إتجاه سباحته إلى داخل فتحة الصرف؛ مال مع منحنيات الفتحة حتى ظهر ضوء من أعلى المرحاض، تجاوز المنطقة الملساء بقفزة واحدة وتشبث بحافة الحلقة البلاستيكية أعلى مقعد الحمام، أشرأب قليلاً بر...

عبد الجبار خادم البار

صورة
في وسط مدينة مجهولة، وعلى أطراف ميدان، بهتت حروف أسمه، من على لوحة معلقة على تمثال في منتصف الميدان، لشخص - التمثال - يبدو عليه الصرامة، ويشير بسبابته نحو الشارع المنشود، بقيّت حانة قد نال منها الزمن. أقتعد عجوز وشاب - بينهما ما يكفي من الزجاجات الفارغة - أمام بار خشبي مرتفع؛ ربض به "عبد الجبار" خادم البار ذو الشارب الكثْ، يظهر منه النصف الأعلى وهو منهمك في ملئ الكئوس وتنظيف البار. سأل الشاب بعد أن استمع بهدوء إلى صوت خافت رخيم في الخلفية لأغنية قديمة : - هل تعتقد أن عبد الجبار موجود ؟ رد العجوز وهو مُثبت عينيه على عبد الجبار : - أعتقد أن سؤالك خطأ، أنت تسأل عن وجود شخص قد أفترضت وجوده في سؤالك. - وإن لم أفترض ذلك ؟ - إذاً عبد الجبار غير موجود. - هل أنت متيقّن مما تقول ؟! سكت العجوز لبرهة ثم قال : - لا، أنا أُرجح عدم وجوده. - كيف تقول بعدم وجوده، ثم بعد ذلك ترجح عدم وجوده؛ هل تلوي الكلمات حتى لا أصف قولك بالدوجمائية ؟ - لو أن قولي يُعتبر دوجمائية، لن يكون بقدر دوجمائية القول بوجود عبد الجبار. - وما الذي لا يجعله بنفس القدر ؟! - اعتمادي على أسباب منطقية. - وما ...

النجار

في نهاية قاطرة المترو المكتظة، أقتعد الطفل ذو العوينات السميكة فخذي أبيه بعد أن أزاح حقيبة المعدات البرتقالية من أمام قدم الأب؛   وضع الأب بعض الأخشاب التي يحملها لتصلح كمقعد للطفل، فأستوى الطفل بعد عدة محاولات، ثم حاول عابثاً أن يخطف القلم العالق خلف أذن الأب،  فضحك الأب ضحكة حنونة، ثم أحاطه بذراعيه، وضمه إلى صدره، وقبله على هامته؛    لم يلبث الطفل شيئاً من الوقت حتى قفز من على فخذي أبيه، بعد أن بذل جهداً مضاعفاً ليتخلص من ذراعيه، ثم أخذ يتفقد المكان حوله؛  أبستم الأب أبتسامة ذات معنى، وبالرغم من شقاؤه الواضح وهيئته المتواضعة، بدا كرجل ثري المشاعر، مرفّه البال، لا يحمل همّاً ولا غمّاً، كأنه أمتلك العالم أجمع.

شجرة الميدان

صورة
كان عليه أن ينْتَظَر الحافلة في موقف الحافلات، الكائن على طرف ميدان صاخب؛ فأخذ يتأمل الباعة الجائلين ،والضجة التي يحدثونها؛ وبعضاً من المارة العابسين، وعدداً من السائقين يتشاتمون، وفشل في معرفة هل هم يتعاركون أم يلهون فقط ؟ ؛ كان الجو خانقاً مليء بعوادم السيارات والأتربة؛ ظل في مكانه حتى شعر بحركة خلفه، عجوز يمشي بهدوء حتى وقف عند شجرة صغيرة، ثم أخرج من حقيبته السوداء زجاجة مياه كبيرة، و شرع يسقي الشجرة بتأني وحلم، كان مائلاً بجذعه لأسفل، ناحية منبت الشجرة، ويرنو إليها بحب وحنان، كأنه يطمئن على صديق مريض، بدا أنه يتأكد أن كل نقطة ماء أستقرت في مكانها، كأم حنون تسقي طفلها وتتأمل ثناياه، فرغت الزجاجة فاستقام العجوز حتى لحظ الشاب يتابعه مبتسما، فحيّاه بأبتسامة وقال: - أتدري !! .. لم يهتم بها أحد وسط هذه الجلبة .. تعوّدت أن أزورها الخميس من كل أسبوع . سرح بعيناه لأعلى كأنما يفتش عن ذكرى ليست بقريبة جعلت عيناه حالمتان سالمتان كطفل وديع ثم أستأنف: - ليتك رأيتها عندما كانت ورقة صغيرة، كانت ضعيفة ورقيقة، لمحتها من مجلسي في الحافلة التي مرت بها غير مبالية، رأيتها تلوِّح لي، وسمعتها تناديني،...

الطفل ذو الحقيبة

تمزّع ظهر الطفل، معترضاً على الحقيبة الكبيرة، المحمولة على ظهره؛ فأنتصب بجسده، وفرد قامته الصغيرة متمطياً، مادّاً ذراعيه لأعلى، حتى مال أعلاه للخلف، وتقوس ظهره، و كادت الحقيبة تشده لأسفل، وتُسقطه على ظهره؛ ثم أعتدل بجسده، وحبك ذراعي الحقيبة على كتفه؛ لم يعط بالاً كيف سلبته حقيبته حرية الحركة واللهو، بالرغم من تقطيبه الواضح، حتى بدا أنه يستمد عبوسه من طبيعته الجافة، وليس من شقائه المعتاد؛ بدلا من ذلك، أنشغل فكره بأين ومتى سوف يلقي هذا الحمل عن كاهله، حتى حاوطته خفقات من ذكريات قريبة، ونفحات من سعادة مغلفة بالحرية، فأراحت المخيلات ظهره، وأودعته حالماً، بعد أن وشى ثغره عن شبح أبتسامه نضحت من قسماته الحادة .

فتى

فتى تتميز بدانته بالمرح؛ يعتصر مقبض دراجتة البخارية الصغيرة، الكائنة تحته؛ بدت وكأنها غير موجوده، حتى تتحقق من أجزائها الثائرة لأعلي وأسفل؛ تئن دعائمها عندما فاضت جنبات الفتى؛ أنزلق الفتى بين العربات، رغم بدانته، كبساط سحري يركب الريح؛ أصبحت المقاومة معدومة، وسبح في فراغ، يملؤه عقله ووجدانه؛ عندها، أعتقد أن كل شىء ممكن،  وليس هناك ما يوقفه؛ فتوحد مع هذه اللحظه، وأمست كأنها حياته كلها .

ساعة

ساعة كاملة تُحاط بغلاف زجاجي، كإحدى المعروضات الغالية، أو كلاعبة جمباز تبتسم وتتصنع الرقة مع التناقض الواضح في جسدها الخالي من الأنوثة وحركاتها القوية العنيفة، لن تنبث بكلمة حتى لا ينكسر غلافك الزجاجي وينخفض سعرك في مزاد "المشروع". تنظر .. تترقب .. تلاحظ .. تضىء عيناك بلمعة الشفقة، والحرمان، تفرغ فاك وتخرج لسانك لاهثا من أجل صفقة رابحة، حقيبة مملوءة بالتعب النفسي والإرهاق الجسدي في مقابل حقيبة تحمل ورقة واحده مكتوب عليها "أمتياز". نعم يا بني لقد أبليت بلاءً حسناً؛ لكن ليس هناك مانع من أن أعتصر قلبك في يدي قليلاً، وأن أمسح وجهك في مقدمة حذائي، المتسخ دائماً بأشلاء أصدقائك، وإلا فلماذا أنا جئت، هذا هو أكلي وشرابي وملاذي، ببساطة هذه هي شهوتي والمحرك الأساسي لبقائي.   "خبايا الكلام في فن الأفحام" .. ياسلام .. يا سلام .. هذا هو عنوان مجلدي الجديد، لن تجده أقل مللا من محاضراتي لكنك ستبتاعه، وتثني عليه كعادتك، وإلا سأحكم القبض على قلبك الصغير أكثر حتى تقضي الليلالي تستجدي مقدمة حذائي. سأعلق أعصابك أوتاراً على جيتاري وستسمع صوت عذابك العذب طوال الساعة، حتى أه...

المستشفى

- فاضل قد إيه تقريباً ؟ - قدامك ستة أشخاص وحضرتك هتخش بعدهم. - طب أنا هخرج شوية وهرجع بعد نص ساعة. - تمام، بس ياريت حضرتك متتأخرش عشان الدور ميفوتكش. - مش هتأخر. خرج من المستشفى، حاملا حقيبته على ظهره، باحثاً عن مقهى قريب، ليلتقط أنفاسه قليلاً، بدلاً من الجلوس في المستشفى، التي طالما بعثت فيه شعور بالمرض والكآبه؛ خرج من باب المستشفى، ثُم أنحنى يساراً بعد أن تخطى المبنى المجاور، لمح بطرف عينه رجل وامرأه يتجادلان عند ناصية الشارع، بينما تتبع خطوات رجل يحمل صينية عليها كوبين من الماء وكوب فارغ تبين أثر ما تبقى فيه من القهوة، تقفى أثره عسى أن يرشده للمقهى الذي يعمل به؛ عندما دلف الرجل من باب محل صغير، علم أن هذا المقهى غير مخصص لأستقبال الزبائن، لصغر حجمه،وإنما خُصص لتوصيل المشاريب للمحلات المجاورة، أستسلم بعد أن سأل نفسه: ((هل كوب من القهوة يستحق كل هذا العناء ؟!))؛ أستدار عائداً، مشى خطوتين، ثم تذكر رائحة المستشفى، فرجع عن قراره، أستدار مرة أخرى، عبر الشارع للناحية المقابلة، ثم عكف يسأل أصحاب المحلات عن المقهى القريب، حتى دله على مضض صاحب محل ملابس ملتحي: ((قدام على إيدك الشمال))،...

العيادة

- إيه الأخبار يا دكتور ؟ - لاء أطمن، أستريح بره خمس دقايق على محضرلك الحقنة. - تمام، شكراً. لحظات مرت في غرفة الأنتظار وهو يقلب عينيه بين السقف والحائط والأرض ورجل وحيد يجلس في ركن الغرفة، علا صوت عقله عن الأصوات المحيطة، متحدثاً إليه: - يا ترى هتخف بعد الحقنة ديه ؟! - إن شاء الله خير. - طب تفتكر هتوجع ؟ - إن شاء الله خير. - طب هنعمل إيه بعد مناخد الحقنة ؟ - سيبها على ربنا. - طب تفتكر سابولنا أكل في البيت ولا عشان أتأخرنا ممكن يفتكرو أنك أكلت بره ؟ - ربك يسهلها. - أصل أنا جعان، هنعمل إيه لو ملقيناش أكل ؟ - يعم قلتلك .. إيه ده .. إيه الصوت ده. قطع صوت عقله، صوت رجلان يتحاوران في برنامج تليفزيوني: - ونرجع تاني وبرنامج الرئيس مع ضيفنا ويمكن السؤال الي دائماً يؤرق مشاهدينا ومش مشاهدينا بس ده المصريين كلهم: ((الناس بتسأل ياترى هتتعامل أزاي مع بعض الجماعات المعنية بالعنف بشكل أو بآخر؟هل هتعمل على أنك توقفها عند حدها ؟ )) - بالطبع .. بالطبع .. أ أ .. نعم - أزاي ؟! -  ((صمت)) .. أ أ .. زى مقولت قبل كده .. أما تيجي تتكلم عن الأمة المتقنة .. آ .. ممكن تستحضر دول بعينها ....