الله الفكْرة
طالما أحببت الله كرضيع تطمئنه أمه، تخبرني أن بإمكاني فعل ذلك، أو أنني أستحق الحب، أنني لن أحيا يوماً دون أن أتجشأ من الشبع، أو دون سترة فوق كتفي، كانت هذه اللحظات تمثل سرير دافئ ومريح .. حضن صديق عزيز ..كما تخبرك حبيبتك أن كل شئ على ما يُرام .. عندما يكاد قلبك أن يشق صدرك صارخاً: "إرحمني يا الله .. فقد تعبْتُ اللهاث" .. روحاً أضناها الحِمل .. وكاد أن يفلت منها الزمام .. وما الحمول إلا على الله ..
حالفني الحظ كثيراً وقد أعجبتني فكرة أن الله يدعمني "أنا" ، أنه يخفي لي شيئا مميزاً؛
لكن عميقاً داخل قلبي كانت المُقايضة مُرضية إلى حد قريب، سوف أُتمم طقوسي وتلاواتي، وانت توفِّر لي أسباباً تجعلني أقبل نفسي؛ كنسمة ريح حادة ترضى بها فقط لأنك تصببت عرقاً، أو لتمدح ما ينفعك وتقايضه حريتك .. كحُب أصطنعته لأنك لا تقوى الكره .. ولكنك تكره بالله .. وتلفظ اسماء سميتها .. لا تعني ما عنيته ..
طالما تمنيت أن تكون حبكة الحياة بسيطة كما تبدو، لكني لم أنعم يوماً بشعور جيد نحو نفسي إلا وعكر صفوه تعلق به ومن ثم خوف من زواله، ظللت أدعو الله: "ديمها علي" ، ولكنها دائما كانت تخبو .. كمحراب انتهت به الصلاة .. أو كفتاة تختفي في الأفق .. أو كآخر ومضة نور قبل الإظلام ..
أدركت عندها أن المعاناه قائمة، ولا يمكن لأحد فعل شئ تجاه ما أعانيه، بكيت كثيراً، وأنتظرت أكثر، قلت لنفسي يمكنك أن تدفنها اسفل السجاد كبقايا تراب؛ لكنها ستظل دائما هنا .. عيون تراقبك باستمرار .. رأت وسمعت كل شئ .. أقرب إليك من حبل الوريد .. وقلبك دائم الإضطراب .. لا يهنأ إتصال ولا وصل ..
علمت جيداً أنني لا يمكنني أن أنخرط معها أكثر، حساسية ضد المعاناة هذا ما أطلقت على مصابي، إذا رغبت شيئاً قد يصيبني ببعض منها فقدت رغبتي به قبل أن أشرع في الإعتياد عليه، تترد داخل عقلي أفكار استغرقت ثمانية وعشرون عاماً في طمسها، لأني وللأسف لا يمكنني الاستتار أكثر .. لا يمكنني أن أكون بطلا درامياً تحركه مشاعر دفينة .. باطني كالسمك الميت يظهر على السطح .. عندما تصرخ عميقاً: "كفى" .. تلحظ هذا الغريب جاحظ العينين في المرآه .. وعندها تتسائل كيف كان الغريب الأول ..
أيقنت أن الله على الجانب الآخر، حين أحظى ببعض السلام، حين يكون "هو" هو، عندها تتلذذ بشق روحك، هذا النور داخلي لا أحتمله، ترى السؤال الواحد وهو يذوب في إجابته ..
حظيت بسلامي ولم ألقاه، عالم جميل الجانب الآخر فيه كل ما تمنيت، المعاناة جزءاً من الطبيعة وإذا أعطيتها حق الوجود، تذوب كمثلها، أصبحت سعيداً إلا من قرب الله، حائراً أنا أتسائل: " أين أنا من الله ؟! "، هل فعلتها مرة أخرى ؟! .. صليت لنفسي باسم الحق، رغبت الله منذ البداية .. تائهٌ أنا، بعد أن أدمنت ملل الغفلة .. كالمجذوبين ما طاله من العشق إلا الخيش .. لا أقدر الحزن ولا البكاء .. ولا أعرف أين انت لأبكيك ..
لذلك إنتهيت عند ما بدأت، حظيت بصورتي مع الله، وهي تجلب لي السعادة، لكن كم من الوقت يمكنني أن احتمل الزيف ؟! .. نوري أمسى لعنتي .. ما أقدر القطع ولا الوصل ..
سأبدأ مرة أخرى، لكن بدون وجهة، أعدك -أو هكذا أتخيل- أنني سوف أتقبل الحقيقة كما هي .. وعندما أصل هناك لن أحزن .. عندما أجدني جنيت ما رغبته سلفاً لن أصرخ .. فلا ضرر من بعض الإيفوريا المؤقتة .. في الحقيقة، لا ضرر من شئ .. فكل شئ ممكن .. ولا يمكنني فعل شئ حيال ذلك ..
تعليقات
إرسال تعليق